فصل: وَحَظُّهَا السدْسُ في الانفراد *** وَقِسْمَةُ السواءِ في التَّعْدَادِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة ***


وَالْجدُّ بالحَجْب لإخوةٍ دَها *** فيما انتَمَتْ لِمَالِكٍ وشبْهِهَا

‏(‏والجد بالحجب لإخوة دها‏)‏ أي أصاب يقال ما دهاك أي ما أصابك كما في الجوهري ‏(‏ فيما‏)‏ أي في الفريضة التي ‏(‏انتمت لمالك‏)‏ وهي زوج وجد وأم وأخ لأب وأخوان فصاعد الأم أصلها من ستة للأم واحد وللزوج ثلاثة وللجد واحد يبقى واحد‏.‏ قال مالك في مشهور قوله‏:‏ هو للجد أيضاً لأنه يقول للأخ للأب‏:‏ لو كنت دوني لم يكن لك شيء، وكان الثلث الباقي للإخوة للأم، وأنا حجبتهم فأنا أحق بنصيبهم، وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه‏:‏ إن السدس الباقي يكون للأخ للأب لأن الإخوة للأم محجوبون، ووافقه مالك في قوله الآخر حسبما حكاه ابن العربي والقرطبي في تفسيره‏.‏ ولما كان المشهور عن مالك هو الأول قيل‏:‏ لم يخالف مالك زيداً إلا في هذه، ولذا سميت بالمالكية فإن كان محل الأخ للأب أخ شقيق فهي شبه المالكية كما قال‏:‏

‏(‏وشبهها‏)‏ عطف على ما أي، وفي شبه المالكية وهي زوج وأم وجد وأخ شقيق وأخوان فأكثر لأم، فعلى قياس مشهور قول مالك‏:‏ لا شيء للشقيق لأن الجد يقول له‏:‏ لو كنت دوني لكنت تشارك الإخوة للأم في الثلث الباقي الذكر كالأنثى وهي المسماة بالحمارية فأنت إنما ترث في الحمارية بالأم، وأنا أحجب كل من يرث بالأم فلا شيء لك، وإنما سميت بالحمارية حيث لا جد فيها لأن عمر رضي الله عنه قضى فيها أولاً بأن لا شيء للشقيق لاستغراق ذوي الفروض التركة للزوج ثلاثة وللأم واحد وللإخوة للأم اثنان، والشقيق عاصب لم يفضل له شيء، ثم نزلت به في العام القابل فاحتج عليه الأشقاء، وقيل علي رضي الله عنه بقولهم هؤلاء إنما ورثوا بأمهم وهي أمنا‏.‏ هب أن أبانا كان حماراً أو حجراً ملقى في اليم أليست الأم تجمعنا ما زادنا الأب إلا قرباً فأشركهم في الثلث لاجتماعهم في الأم، وقوله‏:‏ وشبهها إنما سميت بشبه المالكية لأن مالكاً لم يتكلم عليها، وإنما تكلم عليها أصحابه، فمنهم من قاسها على قول مالك في المالكية وهو الراجح عند الناظم وغيره من شراح ‏(‏خ‏)‏ ومنهم من قال فيها بقول زيد وأن السدس الباقي يكون للشقيق، ورجحه ابن يونس قائلاً‏:‏ الصواب أن يكون السدس الباقي في المالكية، وشبهها للأشقاء أو للذين للأب، وحجتهم أن يقولوا‏:‏ أنت لا تستحق شيئاً من الميراث إلا شاركناك فيه فلا تحاسبنا بأنك لو لم تكن لأنك كائن بعد، ولو لزم ما قاله الجد للزم في ابنتين وبنت ابن وابن ابن أن لا ترث بنت الابن مع ابن الابن شيئاً، ويحتج بمثل احتجاج الجد اه‏.‏ ونحوه لابن خروف قائلاً‏:‏ وقول زيد أجرى على القياس والأصول قال‏:‏ والحجة المذكورة في شبه المالكية لا يلتفت إليها لأنهم إنما شوركوا معهم حين ورثوا، فإذا سقطوا صار الآخرون عصبة فجرى عليهم حكم العصبة اه‏.‏ وقال الطرابلسي‏:‏ ما قاله زيد هو الصحيح لأن المحجوب عن الميراث كأنه لم يكن‏.‏

تنبيه‏:‏

إنما صوروا المالكية وشبهها بتعدد الإخوة للأم ليتم احتجاج الجد الذي هو قوله‏:‏ لو كنت دوني لم ترث شيئاً وهو إنما لا يرث شيئاً مع فقدان الجد إذا تعددت الإخوة للأم، وأما لو كان الأخ للأم واحداً فله واحد ويبقى للأخ للأب أو الشقيق واحد، فلا يتم الاحتجاج حينئذ، وإلاَّ فالجد يحجب الأخ للأم واحداً أو متعدداً فيكون أحق بنصيبه في المالكية وشبهها على قول مالك‏:‏

وَابنُ أخٍ بالْحَجْبِ للْعَمِّ وَفَا *** وَالعمُّ لابن العمِّ ما كان كَفَى

‏(‏وابن أخ‏)‏ ولو لأب ‏(‏بالحجب للعم‏)‏ ولو شقيقاً ‏(‏وفا‏)‏ أي جاء في الشرع أن ابن الأخ يحجب العم لكونه أقرب للهالك منه ‏(‏والعم‏)‏ حاجب ‏(‏لابن العم ما كان‏)‏ أي كيفما كان العم شقيقاً أو لأب فإنه ‏(‏كفى‏)‏ في حجب ابن العم شقيقاً أو لأب أيضاً‏.‏

والأمُّ كلتا الْجدتين تَحْجُبُ *** وَجَدَّةً لْلأَبِ يَحْجُبُ الأَبُ

‏(‏والأم كلتا الجدتين تحجب‏)‏ بضم الجيم مبنياً للفاعل خبر عن قوله‏:‏ الأم، وكلتا مفعوله أي الأم تحجب جدة الهالك من جهة أمه وجدته من جهة أبيه ‏(‏وجدة للأب‏)‏ بالنصب مفعول مقدم بقوله‏:‏ ‏(‏يحجب الأب‏)‏ ولا يحجب جدة الهالك من أمه بخلاف الأم فإنها تحجب الجدة مطلقاً ‏(‏خ‏)‏‏:‏ وأسقطتها الأم مطلقاً والأب الجدة من جهته‏.‏

وَمَنْ دَنَتْ حاجبة لبُعْدَى *** جِهَتِها مِنْ غَيْر أَنْ تَعَدَّى

‏(‏ومن دنت‏)‏ كأم الأم أو أم الأب ‏(‏حاجبة لبعدى جهتها‏)‏ فتحجب كل واحدة منهما أمها وأم أمها وإن علت ‏(‏من غير أن تعدى‏)‏ بحجب غير جهتها أو ما ذكره في قوله‏.‏

وَقُرْبَى الأَمِّ حَجَبَتْ بُعْدَى لأَبْ *** وَالعكس إن أتى فما حجْبٌ وَجَبْ

‏(‏وقربى الأم‏)‏ كأم الأم ‏(‏حجبت بعدى لأب‏)‏ كأم أم الأب ‏(‏والعكس‏)‏ وهو أن تكون الجدة للأب أقرب من التي للأم كأم أم أمه وأم أبيه ‏(‏إن أتى‏)‏ ذلك ‏(‏فما حجب وجب‏)‏ بل يشتركان في السدس، وكذلك إن كانتا في رتبة واحدة كأم الأم وأم الأب فإنهما يشتركان أيضاً كما قال‏:‏

وَحَظُّهَا السدْسُ في الانفراد *** وَقِسْمَةُ السواءِ في التَّعْدَادِ

‏(‏وحظها‏)‏ أي الجدة ‏(‏السدس في الانفراد وقسمة السواء في التعداد‏)‏ حيث كانت الجدة للأب أقرب أو كانتا في رتبة واحدة كما مر‏.‏ ‏(‏خ‏)‏‏:‏ وأسقطت القربى من جهة الأم البعدى من جهة الأب وإلا اشتركتا‏.‏

وَالإرْثُ لم يَحُزْهُ مِنْ هاتينِ *** تعدُّداً أكثَرُ مِنْ ثنْتَيْنِ

‏(‏والإرث لم يحزه من هاتين‏)‏ الجدتين أي التي من جهة الأم والتي من جهة الأب ‏(‏ تعدداً‏)‏ أي حال تعددهن ووجود جماعة منهن ‏(‏أكثر‏)‏ فاعل يحز ‏(‏من اثنتين‏)‏ إحداهما أم الأم وإن علت والأخرى أم الأب وأمها وإن علت‏.‏ قال في الرسالة‏:‏ ولا يرث عند مالك أكثر من جدتين أم الأم وأم الأب وأمهاتهما، ويذكر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه ورث ثلاث جدات‏.‏ واحدة من قبل الأم واثنتين من قبل الأب أم أم الأب وأم أبي الأب وإن علين، ولم يحفظ عن الخلفاء توريث أكثر من جدتين اه‏.‏

وَمُسْقِطٌ ذُو جهتين أبدا *** ذا جِهةٍ مهمَا تَسَاوَوْا قُعْدُدَا

‏(‏ومسقط‏)‏ خبر عن قوله ‏(‏ذو جهتين‏)‏ جهة الأب وجهة الأم ‏(‏أبدا‏)‏ في جميع الميراث ‏(‏ذا جهة‏)‏ مفعول بمسقط ‏(‏مهما تساووا قعددا‏)‏ أي رتبة فالأخ الشقيق ذو جهتين حاجب للذي للأب والعم الشقيق حاجب العم للأب، وابن الأخ الشقيق حاجب ابن الأخ للأب وابن العم كذلك، وهكذا ويستثنى من كلامه الأخ للأم، فإنه ذو جهة ولا يحجبه الشقيق، ومفهوم تساووا قعددا أنهم إذا لم يتساووا فيه كالأخ للأب مع ابن الأخ الشقيق أنه لا شيء لابن الأخ لأن الأخ أقرب منه للهالك ‏(‏خ‏)‏‏:‏ ثم العم الشقيق ثم للأب ثم عم الجد الأقرب بالأقرب وإن غير شقيق، وقدم مع التساوي الشقيق مطلقاً‏.‏

ومَنْ لَهُ حَجبُ بِحَاجِبٍ حُجِبْ *** فحجْبُهُ بمَنْ لهُ الحَجْبُ يَجِبْ

‏(‏ومن‏)‏ موصولة واقعة على الأخ للأب الذي ‏(‏له حجب بحاجب‏)‏ هو الشقيق من نعت وصفة هذا الحاجب الذي هو الشقيق ‏(‏حجب‏)‏ أيضاً بولد الهالك ‏(‏فحجبه‏)‏ أي الأخ للأب ‏(‏ بمن‏)‏ أي الذي ‏(‏له الحجب‏)‏ لحاجبه ‏(‏يجب‏)‏ فحجب مبتدأ وضميره لمن الواقعة على الأخ للأب مثلاً، وجملة له حجب صلته ولحاجب يتعلق بحجب، وجملة حجب بالبناء للمفعول صفة لحاجب وحجبه مبتدأ خبره يجب وبمن يتعلق به، وجملة له الحجب صلة من والتقدير‏:‏ والأخ للأب المحجوب بشقيق محجوب بولد يجب حجبه عند فقد الشقيق بالولد الحاجب لحاجبه، فإذا هلك وترك ابناً وأخاً وشقيقاً وأخاً لأب فالأخ للأب محجوب بالشقيق، والشقيق محجوب بالابن فلو عدم الشقيق لم يرث الأخ للأب شيئاً لوجوب حجبه بالابن الذي هو حاجب حاجبه، وهكذا يقال في ابن الأخ مع وجود أخ وابن للهالك، فإن ابن الأخ محجوب بالأخ ولو عدم لكان محجوباً بالابن، وكذا ابن الأخ مع العم وابن العم، فإن العم محجوب بابن الأخ وابن العم محجوب بالعم، فلو فقد العم لم يرث ابن العم لوجوب حجبه بحاجب حاجبه، وهذا البيت مع تعقيده قليل الجدوى مفهوم حكمه من البيت الذي قبله، إذ من المعلوم أن حاجب الحاجب لغيره حاجب لذلك الغير، وأن الأقرب يحجب الأبعد‏.‏

وإخْوةُ الأمِّ بمن يكُون في *** عَمُودَي النَّسَبِ حَجْبُهُمْ يَفي

‏(‏وإخوة الأم‏)‏ مبتدأ ‏(‏بمن يكون في عمودي النسب‏)‏ من ابن أو بنت للهالك وإن سفلت وأب أو جد وإن علا ‏(‏حجبهم‏)‏ مبتدأ ثان ‏(‏يفي‏)‏ خبره والمجرور بالباء يتعلق به، والجملة خبر الأول، والمعنى أن الإخوة للأم محجوبون بمن يوجد في عمودي النسب الأعلى والأسفل، فعموده الأعلى الأب والجد وإن علا وعموده الأسفل الولد وولده وإن سفل فيدخل في ذلك البنت وبنت الابن وإن سفلت لأنهما من عموده الأسفل قطعا ‏(‏خ‏)‏‏:‏ وسقط الأخ للأم بابن وابنه وبنت وإن سفلت وأب وجد الخ‏.‏ وإنما حجبوا بما ذكر لقوله تعالى وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 12‏)‏ الآية‏.‏ والكلالة كما في الأزهري وغيره الفريضة التي لا ولد فيها ولا والد ولذا قيل فيها‏:‏

ويسألونك عن الكلاله *** هي انقطاع النسل لا محاله

لا ولد يبقى ولا مولود *** فانقطع الأبناء والجدود

وكلالة في الآية إما تمييز والأصل يرثه كلالة بالرفع على الفاعلية، فحذف الفاعل وبني الفعل للمفعول فارتفع الضمير واستتر، ثم جيء بالفاعل تمييزاً، وإما حال من ضمير يورث أي ذا كلالة، وسيأتي في الفصل بعده أن الإخوة للأم يحجبون الأم للسدس وإن كانوا محجوبين بالجد ونحوه‏.‏

فصل في ذكر ‏(‏حجب النقل‏)‏ من تعصيب ‏(‏إلى فرض أو من فرض إلى فرض آخر

فأشار إلى الثاني بقوله فيما يأتي‏:‏ والأخت من أب وإن تعددت الخ‏.‏ وإلى الأول بقوله‏:‏

الأبُ معْ فُرُوضِ الاسْتِغْرَاقِ *** وَالنقصُ يَحْوِي السُّدْسَ بالإِطْلاَقِ

‏(‏الأب‏)‏ هو عاصب في الأصل لكنه ينتقل للفرض ‏(‏مع فروض الاستغراق‏)‏ أي الفريضة التي يستغرقها أهل فروضها، سواء كانت عادلة كبنتين وأب وأم فله السدس وللأم مثله وللبنتين الثلثان أربعة أو عائلة كزوج وبنت وأم وأب أصلها من اثني عشر، وتعول لثلاثة عشر للزوج الربع ثلاثة وللبنت النصف ستة وللأم السدس اثنان وللأب كذلك، ولو بقي عاصباً على أصله لأخذ الواحد الباقي من اثني عشر ولا يعال له‏.‏ ‏(‏و‏)‏ بيع فروض ‏(‏النقص‏)‏ وهي الفريضة التي نقصت فروضها عن أصلها كما مر كبنت وأم وأب أصلها من ستة للبنت ثلاثة وللأم سدسها واحد وللأب كذلك يبقى واحد يأخذه الأب بالتعصيب فقوله‏:‏ ‏(‏يحوي السدس‏)‏ بسكون الدال خبر عن الأب وقوله ‏(‏بالإطلاق‏)‏ أي في جميع ما مرّ من العادلة والعائلة والناقصة إلا أنه في العادلة يأخذ السدس من غير زيادة عليه ولا نقص منه، وفي العائلة يأخذ السدس إلا ما نقصه العول وهو جزء من ثلاثة عشر في المثال المتقدم، وفي الناقصة يأخذ السدس ثم الباقي بالتعصيب، وقد تقدم أن كل ذكر عاصب إلا الزوج والأخ للأم وكما حوى السدس فيما ذكر‏.‏

كذاكَ يَحْوِي مَعَ ذُكْرَانَ الوَلَدْ *** أوْ وَلدِ ابْنٍ مِثلهُمْ سدْساً فَقَدْ

‏(‏كذاك يحوي‏)‏ أيضاً ‏(‏مع ذكر أن الولد‏)‏ واحداً أو أكثر ‏(‏أو‏)‏ مع ‏(‏ولد ابن مثلهم‏)‏ في كونه ذكراً واحداً أو أكثر فالجمع في قوله‏:‏ ذكران غير مقصود، وإنما المراد جنس الذكور ولو واحداً من أبناء الهالك أو أبناء ابنه، وإن سفلوا يحوي معهم الأب ‏(‏سدساً‏)‏ بسكون الدال مفعول بقوله يحوي ‏(‏فقد‏)‏ اسم فعل بمعنى حسب‏.‏

والسدْسُ معْ أُنْثَى مِنَ الصنْفَيْن لهْ *** وَالباقي بالتعصيب بَعْدُ حَصَّلَهْ

‏(‏والسدس‏)‏ بسكون الدال مبتدأ ‏(‏مع أنثى‏)‏ واحدة أو أكثر ‏(‏من الصنفين‏)‏ صنف بنات الصلب وصنف بنات الابن ‏(‏له‏)‏ خبر أي‏:‏ والسدس كائن للأب وثابت له مع بنت أو بنتين فأكثر للهالك، ومع بنت ابن أو بنات ابن يأخذه بالفرض ‏(‏والباقي‏)‏ وهو الثالث مع الواحدة من الصنفين والسدس مع أكثر يأخذه ‏(‏بالتعصيب بعد‏)‏ أي بعد أخذه السدس بالفرض ‏(‏حصله‏)‏ أي حصل ما ذكروا حفظه، ودخل في كلامه ما إذا خلف بنتاً وبنت ابن وأباً فللبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وللأب السدس واحد ثم يأخذ الواحد الباقي تعصيباً فإن خلف بنتين فلا شيء لبنت الابن، وإن تعددت لحجبها بالبنتين فلهما الثلثان وللأب واحد بالفرض والباقي بالتعصيب، وهذا البيت تكرار مع قوله‏:‏ والنقص إذ الفريضة فيه نقصت سهامها عن أصولها‏.‏

وَالجدُّ مِثْلُ الأَبِ مَعْ مَنْ ذُكِرَا *** حَالاً بحَالٍ في الّذِي تَقَرَّرَا

‏(‏والجد مثل الأب مع من ذكرا‏)‏ من أهل الفروض المستغرقة والناقصة وأبناء الصلب وأبناء الابن حال كونه ‏(‏حالاً بحال في الذي تقررا‏)‏ وهو أخذ السدس في المستغرقة العادلة كزوج وأم وجد، والعائلة كزوج وبنتين وجد أصلها من اثني عشر، وتعول لثلاثة عشر، والناقصة كبنت وأم وجد أو بنت فقط وجد أو بنتين وجد يأخذ السدس فرضاً، والباقي بعد البنت والأم أو بعد البنت أو البنتين بالتعصيب، وله السدس فقط مع ابن الهالك أو ابن ابن فالأب والجد متساويان في هذه الأحوال الأربعة وهي أن لهما السدس في المستغرقة أو الناقصة أو مع ابن الصلب أو ابن الابن وزاد الجد على الأب في اجتماعه مع الإخوة بثلاثة أحوال أخر وذلك لأن الأب يحجب إخوة الهالك كيفما كانوا ولا يرثون معه شيئاً، والجد لا يحجب إلا الإخوة للأم، وأما غيرهم فله معهم على ما ذكر الناظم ثلاثة أحوال‏.‏

الأولى‏:‏ أن يكونوا كلهم شقائق أو لأب وليس معهم ذو فرض فللجد معهم الخير من الثلث أو المقاسمة‏.‏ الثانية‏:‏ أن يكون معهم ذو فرض فله الخير من السدس من رأس المال أو ثلث الباقي بعد الفرض أو المقاسمة‏.‏

الثالثة‏:‏ أن يجتمع الشقيق والذي للأب فالحكم كذلك لكن يعد الشقيق على الجد الأخ للأب ثم يرجع عليه، والمعادلة تكون مع انفراد الإخوة والجد أو مع اجتماعهم مع ذوي الفروض فللجد على هذا سبعة أحوال‏:‏ أربعة هو فيها كالأب وزاد عليه بثلاثة مع الإخوة، فأشار إلى الحالة الأولى التي زاد بها عليه فقال‏.‏

وَزَاد بِالثُلثِ إن رَجْحٌ ظَهَرْ *** مَعْ صِنْفِ الإخْوَةِ وَقَسْمٍ كَذَكَرْ

‏(‏وزاد بالثلث إن الرجح‏)‏ فاعل بفعل محذوف يفسره ‏(‏ظهر مع صنف الإخوة‏)‏ كلهم أشقاء أو كلهم لأب ‏(‏وقسم‏)‏ بالجر عطف على الثلث، والواو بمعنى ‏(‏أو‏)‏ أي‏:‏ وزاد الجد يأخذ ثلث جميع المال إن كان ذلك رجح له أو مقاسمة‏.‏ ‏(‏كذكر‏)‏ منهم إن كانت أرجح له من الثلث، وحينئذ فإذا زاد عدد ذكور الإخوة على اثنين وعدد الإناث على أربع فثلث جميع المال أرجح له لأنه إن قاسم ثلاثة إخوة أو خمس أخوات أخذ أقل من ثلث لأنه ينوبه مع ثلاث إخوة ربع المتروك، ومع خمس أخوات سبعاً المتروك وذلك أقل من ثلث المتروك وإن نقص ذكور الإخوة عن اثنين وعدد الأخوات عن أربع، فالمقاسمة أرجح له لأنه ينوبه في مقاسمة الأخ الواحد النصف، وفي مقاسمة ثلاث أخوات خمسان لأنه برأسين، وكل واحدة منهن برأس، ومجموع ذلك خمسة والخمسان أكثر من الثلث لأن ثلث الخمسة واحد وثلثان، وذلك أقل من خمسين صحيحين، وأحرى أن يقاسم أختاً واحدة لأن له معها الثلثين أو أختين لأن له معهما النصف، وهكذا وإن كان عدد ذكور الإخوة اثنين وعدد الأخوات أربعاً فيستوي الثلث والمقاسمة‏.‏ ثم أشار إلى الحالة الثانية التي زاد الجد بها على الأب فقال‏:‏

وَالسُّدْسُ إنْ يَرْجَحْ له مَتى صَحِبْ *** أَهْلَ الفروضِ صِنفٌ إخْوَةٍ يَجِبْ

‏(‏والسدس‏)‏ من جميع المال ‏(‏أن يرجح‏)‏ على غيره من المقاسمة أو ثلث الباقي ‏(‏له متى صحب أهل الفروض‏)‏ مفعول مقدم على الفاعل الذي هو ‏(‏صنف الإخوة‏)‏ كلهم أشقاء أو كلهم لأب ‏(‏يجب‏)‏ خبر عن قوله‏:‏ والسدس والضمير المجرور يتعلق به‏.‏

أَوْ قِسْمَةُ السواءِ في البقِيهْ *** أَوْ ثُلْثُهَا إلاَّ في الأَكْدَرِيهْ

‏(‏أو قسمة السواء‏)‏ بينه وبين الإخوة إن تكن أرجح له ‏(‏في البقية‏)‏ من المال بعد أخذ ذوي الفروض فروضهم ‏(‏أو ثلثها‏)‏ أي البقية إن تكن أرجح له أيضاً فأي الثلاثة كان أرجح، فهو الواجب له فالسدس أرجح له في زوج وأم وأخوين وجد وتصح من ستة له في المقاسمة ثلثا الواحد، وكذا في ثلث الباقي وفي السدس واحد كامل، وكذا يكون السدس أرجح له في بنتين وجد وأخوين أو ثلاث أخوات، فالأولى من ستة وتصح من اثني عشر، والثانية من ستة وتصح من ثمانية عشر، والمقاسمة أرجح له في أم وأخ واحد أصلها من ثلاثة للأم واحد يبقى اثنان له في السدس من رأس المال ثلث واحد، وفي ثلث الباقي ثلثا الواحد، وفي المقاسمة واحد كامل، وكذا تكون المقاسمة أحظى له في زوجة وجد وأخ تصح من ثمانية وثلث الباقي أحظى له في أم وثلاثة إخوة وجد أصلها من ستة للأم واحد، والباقي خمسة ثلثها واحد وثلثان وهو أكثر من السدس واحد، ومن المقاسمة واحد وربع، وكذا يكون أحظى له في أم وجد وثلاثة إخوة أصلها من ستة وتصح من ثمانية عشر للأم ثلاثة وللجد خمسة تبقى عشرة لكل واحد من الإخوة الثلاثة ثلاثة وثلث فاضرب عدد رؤوسهم في المسألة فما خرج فمنه تصح ويستوي السدس والمقاسمة وثلث الباقي في زوج وجد وأخوين‏.‏ ولما تقدم أن الجد يعصب الأخت ويقاسمها اقتضى ذلك أنها ترث بالتعصيب وأنه معها كأخ وعليه فلا يفرض لها معه بحال إلا في مسألة واحدة استثناها بقوله‏:‏

‏(‏إلا في الأكدرية‏)‏ ألقاها عبد الملك بن مروان على رجل يحسن الفرائض يقال له أكدر، فأخطأ فيها فنسبت إليه وهي زوج وأم وجد وأخت شقيقة أو لأب‏.‏

فَالْعَوْلُ لِلأُخْتِ بهَا قد أُعمِلا *** وَاجْمَعْهُمَا وَاقْسِمْ وَجَدًّا فَضِّلا

‏(‏فالعول للأخت بها‏)‏ أي فيها ‏(‏قد اعملا‏)‏ لأن أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان يفضل واحد يأخذه الجد لأنه لا ينقص مع ذوي الفروض عن سدس جميع المال كما مر لأنه فرضه معهم، وإذا كان السدس فرضه فلا يعصب الأخت لأن ذا الفرض لا يصير غيره عاصباً إلا البنات مع الأخوات كما يأتي، وإذا لم يعصبها فلا بد من الفرض لها لأنها من ذوي الفروض وليس هناك من ينقلها للتعصيب فأعيل لها بثلاثة‏:‏ نصف المسألة فصارت من تسعة خذ نصيب الجد منها وهو واحد ونصيب الأخت وهو ثلاثة‏.‏ ‏(‏واجمعها‏)‏ تكن أربعة ‏(‏وأقسم‏)‏ عليهما ‏(‏وجداً‏)‏ مفعول بقوله ‏(‏فضلا‏)‏ لأنه كأخ لها يأخذ الثلثين وهي الثلث وأربعة على ثلاثة منكسر مباين أضرب عدد رؤوس المنكسر عليهم وهو ثلاثة في المسألة بعولها وهو تسعة بسبعة وعشرين، ثم تقول من له شيء من التسعة أخذه مضروباً فيما ضربت فيه المسألة وهو ثلاثة‏:‏ فللزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة وللأم اثنان في ثلاثة بستة وللجد والأخت أربعة في ثلاثة باثني عشر له ثمانية، ولها أربعة‏.‏ ومفهوم قوله‏:‏ للأخت أنهما إذا كانتا أختين فأكثر لا يعال لهما وهو كذلك، فللزوج النصف وللأم السدس وللجد السدس وللأختين فأكثر ما بقي وهو السدس ولا يعال لهما قاله مالك، وفيه إشكال قاله الفاكهاني وغيره‏.‏

واعلم أن الجد في الأكدرية ورث أولاً بالفرض، وثانياً بالتعصيب، إذ لا يقاسمها إلا بتقدير كونه معصباً لها وكونه من ذوي الفروض معصباً في حالة واحدة لا يعقل ويلغز بها من وجهين‏.‏ أحدهما‏:‏ أن يقال أربعة ورثوا ميتاً أخذ أحدهم ثلث ماله، وأخذ الثاني ثلث الباقي، وأخذ الثالث ثلث باقي الباقي، وأخذ الرابع ما بقي، وجوابه هذه المسألة فإن الزوج أخذ ثلث ماله والأم أخذت ثلث الباقي والأخت أخذت ثلث باقي الباقي، والجد أخذ ما بقي، الثاني قال ابن عرفة‏:‏ بأن يقال ما فريضة أخر قسمها للحمل فإن كانت أنثى ورثت وإن كان ذكراً لم يرث شيئاً‏.‏ وجوابه امرأة تركت زوجها وجدها وأماً حاملاً‏.‏ ثم أشار إلى الحالة الثالثة وهي أن يجتمع مع الجد الشقيق والذي للأب فقال‏:‏

وَالقسمُ مَعْ شَقَائِقٍ وَمَنْ لأَبْ *** معاً له وَعَدُّ كُلِّهِمْ وَجَبْ

‏(‏والقسم‏)‏ مبتدأ ‏(‏مع‏)‏ اجتماع إخوة ‏(‏شقائق ومن لأب معاً‏)‏ أي جميعاً ‏(‏له‏)‏ يتعلق بمحذوف خبر وضميره للجد أي واجب له ‏(‏وعد كلهم‏)‏ على الجد ليحرم كثرة الميراث ‏(‏وجب‏)‏ وإذا عد عليه الجميع وأخذ كل حظه، فإن الشقيق يرجع على الذي للأب فيأخذ ما بيده كما قال‏:‏

وَحَظُّ منْ لِلأَبِ لِلأَشِقّا *** وَحْدَهُمْ يكونُ مُسْتَحِقا

‏(‏وحظ‏)‏ مبتدأ ‏(‏من للأب‏)‏ مضاف إليه ‏(‏للأشقا‏)‏ يتعلق بمستحقا ‏(‏وحدهم‏)‏ حال من الأشقاء ‏(‏يكون مستحقا‏)‏ خبر المبتدأ، والتقدير حظ الإخوة للأب يكون مستحقاً للأشقاء حال كونهم وحدهم، وظاهره أن الشقيق يعد الأخ للأب على الجد، سواء كان معهم ذو فرض أم لا‏.‏ وهو كذلك فإذا ترك أماً وأخاً شقيقاً وأخاً لأب وجداً، فإن الشقيق يعد الأخ للأب فتستوي المقاسمة وثلث الباقي بعد الفرض، فإذا أخذ الجد حظه رجع الشقيق على الذي للأب بما في يده، وكذا إذا لم يكن معهم ذو فرض فإذا ترك شقيقتين وأختاً لأب فالمسألة من خمسة للجد اثنان وللأخوات ثلاثة، وإذا ترك شقيقة وأختين أو أخاً لأب، فكذلك وكذا أخاً شقيقاً وأختاً لأب وإن ترك شقيقه وأختاً لأب، فالمسألة من اثنين للجد النصف وللأختين النصف، ثم إذا أخذ كل حظه في هذه الأمثلة التي لم يبلغ فيها عدد الإخوة مثليه رجع الأشقاء على اللذين للأب بما لهم لو لم يكن لهم جد، ولا شك أن فرض الشقيقتين في المقال الأول لو لم يكن جد الثلثان فيرجعان على التي للأب بجميع ما أخذته، وفرض الشقيقة في المثال الثاني النصف فترجع بواحد ونصف، ويبقى نصف واحد بيد أختيها أو أخيها للأب، والشقيق يرجع على التي للأب بجميع ما بيدها، وكذا الشقيقة في المثال الأخير، وافهم مثل هذا فيما إذا بلغ عدد الإخوة مثليه أو زادوا كان معهم ذو فرض أيضاً أو لم يكن‏.‏ والضابط أنه مهما كان في الشقائق ذكر فإنه لا شيء للذي للأب لأنه يحجبه ومثله شقيقتان فأكثر لأن لهما الثلثين والجد لا ينقص عن الثلث، فلا يفضل للذين للأب شيء، وكذا شقيقه وأخت لأب وجد كما في المثال الأخير، وإلا فيفضل للذين للأب كما في المثال الثاني، ومثله ما إذا كانت الشقيقة مع أخ وأخت لأب، أو مع ثلاث أخوات لأب فإنها تأخذ نصفها والباقي وهو السدس يكون للذين للأب، وبه تعلم أن قوله‏:‏ وحظ من للأب للأشقا الخ‏.‏ ليس على إطلاقه بل في بعض الصور كما ترى، وعبارة ‏(‏خ‏)‏ أحسن إذ قال‏:‏ وعاد الشقيق بغيره ثم رجع كالشقيقة لما لهما لو لم يكن جد الخ، ولما تكلم على النقل من تعصيب إلى فرض أشار إلى النقل من فرض إلى فرض فقال‏:‏

وَالأخْتُ منْ أبٍ وَإنْ تعدَّدَتْ *** مَعْ شقيقةٍ بسُدْسٍ أُفْرِدَتْ

‏(‏والأخت من أب وإن تعددت‏)‏ كانت في الأصل من ذوات النصف إن اتحدت أو من ذوات الثلثين إن تعددت كما مرّ، لكن إذا كانت أو كن ‏(‏مع‏)‏ أخت ‏(‏شقيقة بسدس أفردت‏)‏ أي انتقلت إليه حال كونه‏.‏

تَكْمِلَةُ الثَّلُثَيْنِ وَالحُكْمُ كذَا *** معْ بنتِ صُلْبٍ لابْنَةِ ابْنِ يُحْتَذَا

‏(‏تكملة الثلثين‏)‏ فتأخذه وحدها إن اتحدت ويقسم على عددهن إن تعددت إلا أن يكون معها أو معهن أخ لأب فيقسمون ذلك للذكر مثل حظ الأنثيين كما مر، وافهم قوله تكملة الثلثين أنها لا تأخذه فرضاً مستقلاً وينبني عليه أنها لو باعت الشقيقة نصفها في أصل أو العكس، فالأخرى أحق بالشفعة من سائر الورثة كإحدى الزوجتين في ثمن أو ربع وعلى أنها تأخذه فرضاً مستقلاً لا تكون أحق بها من الورثة، وعلى الأول عول ‏(‏خ‏)‏ حيث قال‏:‏ وقدم مشاركة في السهم وإن كأخت لأب أخذت سدساً‏.‏ ‏(‏والحكم كذا مع بنت صلب لابنة ابن يحتذا‏)‏ فيه تقديم وتأخير، والتقدير‏:‏ والحكم هكذا يتبع لابنة الابن مع بنت الصلب فللبنت النصف ولابنة الابن واحدة، فأكثر السدس تكملة الثلثين ما لم يكن معها أو معهن ابن ابن آخر في درجتها كان أخاها أو ابن عمها فيردها للتعصيب، ويقتسمون النصف الباقي بعد البنت للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان ابن الابن أسفل منها فهي غنية بسدسها كما مر مبيناً في فصل أهل الفروض عند قوله‏:‏ ونصفه السدس لأم والأب الخ‏.‏

وَالزَّوْجُ مِنُ نِصْفٍ لِرُبْعٍ انْتَقَلْ *** مَعَ ولَدٍ أَو وَلَدِ ابْنٍ هَبْ سَفَلْ

‏(‏والزوج من نصف لربع انتقل مع‏)‏ وجود ‏(‏ولد‏)‏ لزوجته الهالكة ذكراً كان الولد أو أنثى منه أو من غيره وإن من زنا ‏(‏أو‏)‏ وجود ‏(‏ولد ابن‏)‏ لها ذكراً كان أو أنثى، لكن لا بد أن يكون لاحقاً بأبيه ‏(‏هب‏)‏ أنه أي ولد الابن ‏(‏سفل‏)‏ أي نزل بضم الفاء وفتحها كما مر‏.‏

وَيَنْقُل الزوجَةَ مِنْ رُبْعٍ إلَى *** ثُمْنٍ صَحِيحٍ نِسْبَةُ مِح هَؤُلا

‏(‏وينقل الزوجة من ربع إلى ثمن‏)‏ بسكون الميم ‏(‏صحيح‏)‏ بالرفع فاعل ينقل ‏(‏نسبة من هؤلا‏)‏ بالقصر والإشارة للولد وولد الابن العالي والنازل وشرط في ولد الزوج وولد ابنه أن يكون صحيح النسبة احترازاً من ولد الزنا والمنفي بلعان فلا يحجبانها إلى الثمن‏.‏

وَالأَمُّ مِنْ ثُلْثٍ لِسُدْسٍ تُفْرَدُ *** بِهِمْ وَبالإِخْوَةِ إنْ تَعَدَّدُوا

‏(‏والأم من ثلث لسدس تفرد‏)‏ أي تنقل من الثلث إلى السدس ‏(‏بهم‏)‏ أي بالولد ذكراً كان أو أنثى وبولد الابن كذلك وإن سفل ‏(‏و‏)‏ تنقل أيضاً للسدس ‏(‏وبالإخوة إن تعددوا‏)‏ أي زادوا على الواحد، وظاهره مطلقاً أشقاء كانوا أو لأب أو لأم أو مختلفين ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين أو خناثى، وسواء كانوا وارثين بالشخص كأب وأم وأخوين مطلقاً، وكأم وجد وأخوين لأم، فهم وإن كانوا محجوبين بالأب في الأولى وبالجد في الثانية يحجبان الأم للسدس فتأخذ السدس والباقي للأب في الأولى، وللجد في الثانية، ثم علل الإطلاق المذكور بقوله‏:‏

وَغيرُ مَنْ يَرِثُ ليس يَحْجُبُ *** إلاُّ أُولاءِ حَجَبُوا إذْ حُجِبُوا

‏(‏وغير من يرث‏)‏ أي إنما حجبت الأم بالإخوة مطلقاً لأن غير من يرث لمانع به من رق أو كفر أو قتل عمد ‏(‏ليس يحجب‏)‏ بضم الجيم مبنياً للفاعل أي‏:‏ لا يحجب غيره حجب إسقاط ول حجب نقل ‏(‏إلا‏)‏ ه ‏(‏ؤلاء‏)‏ الإخوة ‏(‏حجبوا‏)‏ للأم من الثلث إلى السدس ‏(‏إذ حجبوا‏)‏ بالبناء للمفعول أي حجبهم الأب مطلقاً والجد إذا كانوا لأم كما مر، وهذا البيت قريب من قول التلمسانية‏:‏

وفيهم في الحجب أمر عجب *** لأنهم قد حجبوا وحجبوا

وقول ‏(‏ت‏)‏‏:‏ حجبهم الأب أو الولد أو الجد الخ‏.‏ الصواب حذف الولد لأن الذي نقل الأم للسدس هو نفس الولد لا الإخوة حتى يقال‏:‏ حجبوها وهم محجوبون بالولد، ولما قدم أن للأم حالتين ترث في إحداهما الثلث وفي الأخرى السدس ذكر لها حالة ثالثة ترث فيها ثلث الباقي، وذلك في إحدى الغراوين سميتا بذلك لشهرتيهما فقال‏:‏

وَثُلْثُ ما يَبْقَى مِنَ الزوجَيْنِ *** تأخُذُ مَعْ أبٍ بِغَرَّاوَيْنِ

‏(‏وثلث ما يبقى عن الزوجين تأخذ‏)‏ الأم ‏(‏مع أب بغراوين‏)‏ إحداهما زوجة وأبوان أصلهما من أربعة للزوجة الربع وللأم ثلث الباقي وللأب ثلثاه، والثانية زوج وأبوان أصلها من اثنين للزوج واحد، وللأبوين واحد منكسر للأم ثلثه وللأب ثلثاه، فتضرب عدد الرؤوس في أصل المسألة وهو ثلاثة في اثنين بستة، ومن له شيء من أصل المسألة أخذه مضروباً فيما ضربت فيه، فللزوج واحد في ثلاثة بثلاثة، وللأبوين واحد كذلك بثلاثة للأم منها واحد وللأب اثنان ‏(‏خ‏)‏‏:‏ ولها أي الأم ثلث الباقي في زوج أو زوجة وأبوين الخ‏.‏ فلو كان موضع الأب جد لكان للأم ثلث المال لأنها ترث مع الجد بالفرض ومع الأب بالقسمة‏.‏

فصل في ذكر حجب النقل من الفرض ‏(‏للتعصيب

وذلك أن البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والتي للأب كلهن من ذوي الفروض كما تقدم، لكن محل ذلك إذا لم يكن مع الواحدة منهن فأكثر أخ يساويها في درجتها فإنه ينقلها من الفرض ويصيرها عاصبة يقاسمها للذكر مثل حظ الأنثيين كما قال‏:‏

لِلاِبْنِ شَرْعاً حَظَّ بِنتيْنِ ادَفَعِ *** مِن مالِ أوْ باقيه في التَّنَوُّعِ

‏(‏للابن شرعاً‏)‏ متعلق بادفع ‏(‏حظ بنتين‏)‏ مفعول بقوله ‏(‏ادفع‏)‏ أي للابن اللاحق لأبيه بالشرع حظ بنتين ‏(‏من‏)‏ كل ‏(‏مال‏)‏ للهالك حيث لم يكن في التركة ذو فرض ‏(‏أو‏)‏ ادفع له من ‏(‏باقيه‏)‏ أي المال بعد أخذ ذوي الفروض فروضهم حيث كان فيها ذو فرض كالزوجة والأم مثلاً فللزوجة الثمن وللأم السدس تصح من أربعة وعشرين، والباقي بعد إخراج الثمن والسدس بين الأب والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين ‏(‏في التنوع‏)‏ أي في تنوع الورثة إلى ذوي فروض وعصبة‏.‏

وَوَلَدُ ابْنٍ مِثْلُهُمْ في الحُكْمِ *** وَإخْوَةٌ كذا لغير الأُمِّ

‏(‏وولد ابن مثلهم‏)‏ أي مثل أبناء الصلب ‏(‏في الحكم‏)‏ وهو قسم المال كله أو باقيه بعد ذوي الفروض للذكر مثل حظ الأنثيين، لكن بنت الابن يعصبها من في درجتها كان أخاها أو ابن عمها، وكذا يعصبها من هو أسفل منها كما مر مفصلاً عند قوله‏:‏ ولابنة ابن ولجد اجتبى الخ‏.‏ ‏(‏وإخوة‏)‏ ذكور مع أخواتهم الإناث ‏(‏كذا‏)‏ لهم هذا الحكم إذا كانوا ‏(‏لغير الأم‏)‏ بل كانوا أشقاء أو لأب فالشقيق يعصب شقيقته والأخ للأب يعصب أخته للأب للذكر مثل حظ الأنثيين في المال كله أو الباقي بعد الفرض، واحترز بقوله لغير الأم مما إذا كانوا إخوة لأم فإنهم يقتسمون ثلثهم الذكر كالأنثى كما مر في قوله‏:‏ وهم في قسم ذاك إسوة الخ‏.‏

وَالأُخْتُ لا لِلأُمِّ كيفَ تَأتِي *** من شَأنِهَا التعصيبُ مَعْ بَنَاتِ

‏(‏والأخت‏)‏ الشقيقة أو لأب ‏(‏لا‏)‏ التي ‏(‏للأم كيف تأتي‏)‏ واحدة أو أكثر ‏(‏من شأنها التعصيب مع بنات‏)‏ قال في التلمسانية‏:‏

والأخوات قد يصرن عصبات *** إن كان للهالك بنت أو بنات

فتأخذ البنت الواحدة نصفها والأخت والأخوات ما بقي وتأخذ البنتان الثلثين والأخت فأكثر ما بقي تعصيباً‏.‏

كذا يُعْصِّبْنَ بنَات الابْنِ *** وَالعَوْلُ في الصَّنْفَيْنِ عنه اسْتُغْنِي

‏(‏كذا يعصبن‏)‏ أي الأخوات ‏(‏بنات الابن‏)‏ مفعول يعصبن ونون الإناث عائدة على الأخوات كما قررنا، فإذا ترك بنت ابن وأختاً وأخوات فلبنت الابن النصف وللأخت أو الأخوات النصف الباقي، وإذا ترك بنتي ابن فأكثر فلهما الثلثان وللأخت أو الأخوات ما بقي ‏(‏ والعول في الصنفين‏)‏ صنف الأخوات مع البنات أو صنفهن مع بنات الابن ‏(‏عنه استغني‏)‏ لأنهن أي الأخوات يرثن ما فضل من البنات أو بنات الابن بالتعصيب والعاصب لا يعال له، بخلاف ما إذا اجتمع الأخوات مع غير الصنفين المذكورين فإنهن يرثن بالفرض حيث لا حاجب ولا معصب لهن كما في زوج وأختين أو زوج وأم وأخت أو زوج وأم وأختين وأخ لأم فالأولى تعول لسبعة، والثانية لثمانية، والثالثة لتسعة كما مرّ في مسائل العول، واعلم أن العاصب ينقسم إلى ثلاثة‏:‏ عاصب بنفسه وهو كل ذكر لم يفصل بينه وبين الهالك أنثى، فالذكور المتقدمون في فصل عدد الوارثين كلهم عصبة إلا الزوج والأخ للأم وعاصب مع غيره وهو كل أنثى تصير عاصبة مع أنثى أخرى كالأخت مع البنت أو بنت الابن، وعاصب بغيره وهو النسوة الأربع البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والتي للأب، وإذا اجتمع كل منهن مع أخيه فإنه يصيرها عاصبة‏.‏

وَبِنْتُ الابنِ إنْ تَكُنْ قدْ حُجِبَتْ *** بابْنِ مُسَاوٍ أَوْ أَحَطَّ عَصَّبَتْ

‏(‏وبنت الابن إن تكن قد حجبت‏)‏ باثنتين فوقها من بنات الصلب فإنها ‏(‏بابن‏)‏ ابن فهو على حذف مضاف كقولهم‏:‏ قطع الله يد ورجل من قالها بقرينة قوله‏:‏ ‏(‏مساو‏)‏ لها في الدرجة ‏(‏أو أحط‏)‏ أي أسفل منها بدرجة أو درجات كابن ابن أخيها ‏(‏عصبت‏)‏ فترث معه الثلث الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين فقوله‏:‏ عصبت بفتح العين وبابن يتعلق به لا بحجبت لأنها إذا حجبت بابن لا ترث شيئاً ‏(‏خ‏)‏ وحجبها ابن فوقها أو بنتان فوقها إلا ابن في درجتها مطلقاً أو أسفل فمعصب الخ‏.‏ ومفهوم حجبت أنها إذا لم تحجب كما لو كانت مع بنت واحدة، فإنها تأخذ السدس تكملة الثلثين والثلث الباقي يأخذه ابن أخيها وهو كذلك كما مر في قوله‏:‏ والحكم كذا مع بنت صلب لابنة ابن يحتذا‏.‏

وبأخٍ لا بابْنِهِ أَخَوَاتُ الأبْ *** تَعْصِيبُهُنَّ مَعْ شَقيقَاتٍ وَجَبْ

‏(‏وبأخ لا بابنه أخوات‏)‏ مبتدأ وهو بفتح الهمزة وسكون الخاء جمع مؤنث سالم سكنت عينه للضرورة كقوله‏:‏

وحملت زفرات الضحى فأطقتها *** وما لي بزفرات العشي يدان

قال ابن هشام‏:‏ هي ضرورة حسنة لأن هذه العين قد تسكن في المفرد كقوله‏:‏ يا عمرو يا ابن الأكرمين نسباً بسكون السين ‏(‏الأب‏)‏ مضاف إليه ويقرأ بنقل حركة الهمزة للام للوزن ‏(‏تعصيبهن‏)‏ مبتدأ ثان ‏(‏مع شقيقات‏)‏ يتعلق بقوله‏:‏ ‏(‏وجب‏)‏ وكذا قوله بأخ، والتقدير وأخوات الأب تعصيبهن وجب مع شقيقات بأخ لا بابن أخ، ومراده بالشقيقات اثنتان فأكثر، والمعنى أن الأخت للأب إنما يعصبها أخوها الذي في درجتها اجتمع مع شقيقة واحدة أو مع شقيقتين فأكثر فلهما النصف الباقي مع الواحدة للذكر مثل حظ الأنثيين والثلث الباقي مع الشقيقتين فأكثر، كذلك ابن الأخ فإنه لا يعصبها فإذا اجتمعت مع الواحدة فلها السدس تكملة الثلثين والثلث الباقي لابن أخيها، وإذا اجتمعت مع شقيقتين، فأكثر فلا شيء لها بل الثلث الباقي يختص به ابن الأخ لأنه لا يعصبها بخلاف بنت الابن، فإن ابن أخيها يعصبها في الثلث الفاصل عن البنتين كما مر، بهذا وردت السنة كما في ابن يونس، وتقدمت الإشارة إلى هذا الفقه عند قوله‏:‏ وأشمل لأخت جهة في الحكم‏.‏

تتمة‏:‏ تقدم أول الباب أن علم الفرائض على قسمين معرفة من يرث ومن لا يرث، وتكلم عليه الناظم من أول الباب إلى آخر الكتاب ومعرفة ما يوصل لكل ذي حق حقه في المناسخات قد بقي عليه، وها أنا أذكر لك كيفية ذلك تتميماً للمقصود فأقول صفة العمل في ذلك أن تجعل الجامعة التي انتهت إليها فريضتك إلى أئمتها الأوائل، وتحفظ تلك الأئمة ثم تحل أئمة الأوقية إلى أئمتها الأوائل وأئمة الأوقية هي ثمانية للأثمان واثنا عشر للفلوس وثمانية للحبوب وترتيبها هكذا‏:‏ ثم بعد الفراغ من حل أئمة الأوقية وأئمة الجامعة تقابل بين ما حللت إليه من أئمة الأوقية وأئمة الجامعة، ولا يخلو الحال إذ ذاك من أربعة أوجه‏:‏ إما مماثلة في الجميع، وإما عدمها في الجميع، وإما مماثلة في البعض دون البعض، ثم هذا البعض المماثل إن كان من أئمة الأوقية إما أن يكون واحداً أو متعدداً، فإن كانت المماثلة في الجميع فالمال المقتسم هو جزء سهم الجامعة ضعه عليها واضرب فيه ما بيد كل وارث، وهذا هو الوجه الأول، وإن وقعت المخالفة في الجميع فسطح أئمة الأوقية بأجمعها، والخارج اضربه في المال المقتسم والخارج هو جزء سهم الجامعة اضرب فيه ما بيد كل وارث، واقسم على أئمة الجامعةكلها وقدم في القسمة أكبرها، ثم على ثمانية الحبوب الخ‏.‏ وهذا هو الوجه الثاني، وإن وقعت المماثلة في البعض والبعض الذي لم يماثل من أئمة الأوقية إمام واحد، فاضربه في المال والخارج هو جزء السهم، وهذا هو الوجه الثالث، وإن كان البعض الذي لم يماثل من أئمة الأوقية أكثر من إمام واحد فسطحه، واضرب الخارج في المال والخارج هو جزء السهم اضرب فيه ما بيد كل وارث، وهذا الوجه الرابع‏.‏ وهذا النظر كله في أئمة الأوقية، وأما أئمة الجامعة فإن ماثلت كلها فلا يقسم الخارج من ضرب ما بيد كل وارث في جزء سهم الجامعة على شيء منها، وإنما يقسم على ثمانية الحبوب أولاً، ثم الخارج على اثني عشر للفلوس ثانياً ثم الخارج على ثمانية الأثمان ثالثاً، وإن خالفت كلها فلا بد من القسمة عليها أولاً مرتبة كعمل التسمية ثم يقسم الخارج على أئمة الأوقية على نحو ما تقدم، وإن ماثل بعضها وخالف البعض فأسقط المماثل ولا بد من القسمة أولاً على المخالف منها، ثم على أئمة الأوقية كما تقدم، ولا بد من ترتيب أئمة الأوقية على الوجه المتقدم وإلاَّ فسد العمل بخلاف أئمة الجامعة، فتقديم الأكبر بالقسمة عليه أولاً أفضل فقط لأن النسبة واحدة تقدم الأكبر أو الأصغر، وإذا ضربت ما بيد كل وارث من الجامعة في جزء سهمها فأقسم الخارج على إمام من الأئمة المذكورة والخارج من القسمة أقسمه على الإمام الذي قبله، والباقي ضعه تحت الإمام المقسوم عليه لأنك تنسبه إليه، وهكذا حتى يفرغ المقسوم فالباقي من القسمة على إمام من أئمة الجامعة أجزاء مأخوذة من الحب، والباقي من القسمة على ثمانية الحبوب حبوب، والباقي من القسمة على اثني عشر للفلوس فلوس والباقي على ثمانية الأثمان أثمان فالقسمة على ثمانية الأثمان عدد صحيح فإذا فرغت من ضرب ما بيد كل وارث من الجامعة في جزء سهمها، ومن قسمة الخارج على الأئمة المذكورة رجعت إلى الاختبار بالجمع، فتجمع ما تحت الإمام الأخير وتقسم المجتمع عليه والخارج من القسمة من جنس الإمام الذي قبله ضعه تحت جدوله واجمعه إلى الأعداد الموضوعة تحت ذلك الإمام واقسم المجتمع أيضاً عليه، وهكذا حتى تنتهي إلى القسمة على ثمانية الأثمان فيكون الخارج من القسمة عليها عدداً صحيحاً أدخل به تحت آحاد الصحيح في جدول المال الموالي لجدول الأئمة قبله واجمع مرتفع المال للمقسوم من غير تحريف ولو بجزء دقيق، ومهما لم ينقسم عدد على إمامه وبقيت منه بقية فالعمل فاسد، فارجع وانظر من أين دخل الفساد فكثيراً ما يعتري من سرعة اليد في العمل وعدم التثبت فيه، ولا بد من أمثلة يتضح بها العمل المقصود إن شاء الله، وتنوعها باعتبار ما ذكر من المماثلة في الجميع وعدمها في الجميع وعدم وجودها في البعض المفرد والمتعدد، فمثال المماثلة في الجميع من ترك ستة بنين توفي أحدهم عن زوجة وستة عشر ابناً، فالفريضة الأولى من ستة مات أحد البنين عن سهم واحد منها، وفريضته صحت من ثمانية وعشرين ومائة، فانظر بين سهمه من الأولى وما صحت منه مسألته تجد بينهما التباين لأن الواحد الذي هو سهمه من الأولى مباين للثمانية والعشرين والمائة التي صحت منها فريضته، فارب حينئذ الفريضة الأولى التي هي ستة في كامل الثمانية عملاً بقول ‏(‏خ‏)‏ وإن لم يتوافقا ضرب ما صحت منه مسألته فيما صحت منه الأولى الخ‏.‏ يخرج ثمانية وستون وسبعمائة وهي الجامعة، ثم تقول‏:‏ من له شيء من الأولى أخذه مضروباً في الثانية، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروباً في سهام موروثه، فكل ابن من الأولى له واحد يأخذه مضروباً في الثمانية والعشرين والمائة يخرج لك العدد المذكور بعينه لأن الضرب في الواحد لا يزيد فضع له ذلك العدد في جدوله تحت الجامعة، وللزوجة من الثانية ستة عشر تأخذها مضروبة في سهام الموروث وهو واحد بستة عشر ضعها لها في جدولها تحت الجامعة، ولكل ابن من أبنائها من الثانية سبعة يأخذها مضروبة في سهام الموروث بسبعة ضعها له في جدوله تحت الجامعة أيضاً، ثم اجمع ذلك فإن ارتفعت الجامعة صحيحة فالعمل صحيح، وإلاَّ فارجع وانظر من أين دخل الفساد، وإذا صحت الجامعة فحلها إلى أوائل أئمتها وهي ثلاثة واثنان ثمان مرات مثل أئمة الأوقية فاسقط أثمان الجامعة كلها واجعل المال ولتفرضه عشر أواقي جزء سهم الجامعة ضعه عليها، واضرب فيه ما بيد كل وارث واقسم الخارج على أئمة الأوقية فقط على ترتيبها المذكور، ولا تقسم على شيء من أئمة الجامعة لأنها ذهبت كلها للماثلة، فيجب لكل ابن من الأولى أوقية وخمسة أثمان الأوقية وأربعة أفلس، وللزوجة أوقية وثمانية أفلس، ولكل ابن من الثمانية ثمانية أفلس وستة حبوب وهكذا كما في الجدول‏:‏

ثم اجمع ما تحت ثمانية الحبوب تجده ستة وتسعين اقسمه عليها يخرج اثنا عشر ادخل بها تحت جدول الاثني عشر للفلوس، واجمعها إلى ما فوقها يجتمع ثمانية وستون ومائة اقسمها عليها يخرج أربعة عشر لكل واحد ادخل بها تحت ثمانية الأثمان، واجمعها إلى ما فوقها يرتفع أربعون اقسمها عليها يخرج خمسة من الصحيح ادخل بها تحت العشر أواقي، واجمع يرتفع لمال المقسوم كما هو المطلوب‏.‏ ومثال‏:‏ ما إذا ماثلت أئمة الجامعة كلها وبقي من أئمة الأوقية أكثر من إمام واحد امرأة ماتت وتركت أباها وبنتها وابن ابنها، ثم ماتت بنتها عن أربعة بنين، ثم مات أحد البنين عن بنتين وولدي ابن، فالفريضة الأولى من ستة والثانية من أربعة والثالة من ستة، فللبنت الهالكة من الفريضة الأولى ثلاثة، وفريضتها من أربعة وبين سهامها وفريضتها التباين لأن الثلاثة اليت هي سهامها مباينة للأربعة التي هي فريضتها، فاضرب حينئذ الفريضة الأولى في كامل الثانية عملاً بما تقدم عن ‏(‏خ‏)‏ يخرج لك أربعة وعشرون هي الجامعة للفريضتين ثم تقول‏:‏ من له شيء من الأولى أخذه مضروباً في الثانية ومن له شيء من الثانية أخذه مضروباً في سهام موروثه فالأب له واحد من الأولى يأخذه مضروباً في أربعة بأربعة، وابن الابن له اثنان من الأولى يأخذهما مضروبين في أربعة بثمانية، ولكل واحد من أبناء الهالكة من الفريضة الثانية واحد يأخذه مضروباً في سهام موروثه بثلاثة يجتمع من ذلك أربعة وعشرون مات أحد البنين الأربعة عن بنتين وولدي ابن وفريضته تصح من ستة وسهامه التي مات عنها ثلاثة، وبين فريضته وسهامه التي مات عنها التوافق بالثلث لأن ثلث الثلاثة واحد وثلث الستة اثنان، فتضرب الجامعة التي هي أربعة وعشرون في وفق الستة وهي اثنان عملاً بقول ‏(‏خ‏)‏‏:‏ والأوفق بين نصيبه وما صحت منه مسألته وضرب وفق الثانية في الأولى الخ‏.‏ يخرج ثمانية وأربعون ثم تقول‏:‏ من له شيء من الأولى أخذه مضروباً في وفق الثانية، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروباً في وفق سهام موروثة فللأب أربعة من الأولى التي هي أربعة وعشرون لأنها صارت أولى بالنسبة للتي تليها يأخذها مضروبة في اثنين بثمانية ولولد الابن منها ثمانية أيضاً يأخذها مضروبة في اثنين بستة عشر، ولكل ابن من الفريضة الثانية ثلاثة يأخذها مضروبة في اثنين بستة، ولكل بنت من الفريضة الثالثة اثنان تأخذهما مضروبين في وفق سهام موروثها وهو واحد باثنين، ولكل ولد ابن منها واحد يأخذه مضروباً في وفق سهام موروثه وهو واحد بواحد، وضع لكل واحد عدده الذي له في جدوله تحت الجامعة كما مر، واجمع ذلك فإن صحت الجامعة فحلها إلى أوائل أئمتها وهي ثلاثة واثنان أربع مرات قابلها بأئمة الأوقية التيهي ثلاثة واثنان ثمان مرات، واسقط المماثل يبقى من أئمة الأوقية اثنان أربع مرات سطحها، والخارج اضربه في المال يخرج ستون ومائة هي جزء السهم ضعه على رأس الجامعة، واضرب فيه ما بيد كل واحد، واقسم على ثمانية الحبوب ثم على اثني عشر الفلوس، ثم على ثمانية الأثمان ولا تقسم على شيء من أئمة الجامعة لمماثلتها كلها فيجب للأب أوقية وخمسة أثمان الأوقية وأربعة أفلس، ولابن الابن ثلاث أواق وثمن الأوقية وثمانية أفلس، ولكل ابن في الفريضة الثانية أوقية وثمنا الأوقية، ولكل بنت في الفريضة الثالثة ثلاث أثمان الأوقية وأربعة أفلس ولكل ولد ابن منها ثمن الأوقية وثمانية أفلس هكذا‏:‏

ثم اجمع ما تحت اثني عشر الفلوس تجده ستة وثلاثين أقسمه عليها يخرج ثلاثة لكل واحد ادخل بها تحت ثمانية الأثمان، واجمعها إلى ما فوقها يجتمع أربعة وعشرون اقسمها عليها تخرج ثلاثة لكل واحد ادخل بها تحت جدول المال واجمعها إلى ما فوقها يرتفع لك المال بتمامه، وأما إذا بقي من أئمة الأوقية إمام واحد، فإن ذلك الإمام يضرب في المال والخارج هو جزء السهم يضرب فيه ما بيد كل وارث، ويقسم على أئمة الأوقية على ترتيبها المذكور ولا يقسم على شيء من أئمة الجامعة حيث ماثلت كلها كما مر، فإن بقي شيء منها لم يماثل فلا بد من القسمة عليه أولاً ثم على أئمة الأوقية على ترتيبها المذكور، ومثاله‏:‏ رجل مات وترك زوجتين عائشة وحدهم وأولاده فمن الثانية محمد، ومن الأولى الطيب وفاطمة وزهرة ومن غيرهما عبد القادر، وفريضته تصح من أربعة وستين لكل زوجة أربعة، ولكل ولد من أولاده الثلاثة أربعة عشر، ولكل بنت سبعة ماتت عائشة عن أربعة، فورثها أولادها الطيب وفاطمة وزهرة ونصيبها منقسم عليهم، للطيب اثنان تضم للأربعة عشر التي بيده فيصير بيده ستة عشر، ولكل من أختيه واحد يضم لما بيدها، فيصير بيد كل واحدة منهما ثمانية عملاً بقول ‏(‏خ‏)‏‏:‏ فإن انقسم نصيب الثاني على ورثته صحتا الخ‏.‏ ثم ماتت حدهم المذكورة فورثها ولدها محمد فتضم أربعتها لنصيبه فيصير بيده ثمانية عشر، ثم ماتت الزهرة فورثها شقيقاها الطيب وفاطمة وفريضتها من ثلاثة مباينة لسهامها التي هي ثمانية فتضرب حينئذ الفريضة الأولى التي هي أربعة وستون في كامل الثانية التي هي ثلاثة عملاً بقول ‏(‏خ‏)‏‏:‏ وإن لم يتوافقا ضرب ما صحت منه مسألته فيما صحت منه الأولى الخ‏.‏ يخرج اثنان وتسعون ومائة هي الجامعة، ثم تقول‏:‏ من له شيء من الأولى ضرب له في الثانية ومن له شيء من الثانية أخذه مضروباً في سهام موروثه، فلمحمد من الأولى ثمانية عشر يأخذها مضروبة في ثلاثة بأربعة وخمسين ضعها له في جدوله تحت الجامعة، ولعبد القادر من الأولى أربعة عشر يأخذها مضروبة في ثلاثة باثنين وأربعين ضعها له تحت الجامعة، وللطيب من الأولى ستة عشر يأخذها مضروبة في ثلاثة بثمانية وأربعين وله من الثانية اثنان يأخذهما مضروبين في سهام موروثه التي هي ثمانية بستة عشر، فيكون مجموع ما بيده من الأولى والثانية أربعة وستون ضعها له في جدوله تحت الجامعة، ولفاطمة من الأولى ثمانية تأخذها مضروبة في ثلاثة بأربعة وعشرين، ولها من الثانية واحد تأخذه مضروباً في سهام موروثها وهي ثمانية بثمانية فيجتمع لها من الأولى، والثانية اثنان وثلاثون ضعها لها في جدولها تحت الجامعة، ثم مات عبد القادر عن زوجة وثلاث بنات عائشة وفاطمة وآمنة وعصبة إخوته للأب الطيب ومحمد وفاطمة المذكرون، وفريضته تصح من اثنين وسبعين للزوجة تسعة، ولكل بنت من بناته ستة عشر، وللطيب ستة، ولمحمد كذلك، ولفاطمة ثلاثة وبين فريضته وسهامه التوافق بالأسداس لأن سدس الاثنين والسبعين اثنا عشر وسدس الاثنين والأربعين سبعة فتضرب حينئذ الفريضة الأولى التي هي اثنان وتسعون ومائة في وفق الثانية التي هي الاثنا عشر عملاً بقول ‏(‏خ‏)‏‏:‏ والأوفق بين نصيبه وما صحت منه مسألته واضرب وفق الثانية في الأولى الخ‏.‏ يخرج ألفان وثلثمائة وأربعة هي الجامعة، ثم تقول‏:‏ من له شيء من الأولى أخذه مضروباً في وفق الثانية، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروباً في وفق سهام موروثه، فلمحمد من الأولى أربعة وخمسون يأخذها مضروبة في اثني عشر التي هي وفق الثانية بثمانية وأربعين وستمائة، وله من الثانية ستة يأخذها مضروبة في سبعة التي هي وفق سهام الموروث باثنين وأربعين، فتضم إلى ما بيده فيصير المجموع تسعين وستمائة‏.‏ ضعها له في جدوله تحت الجامعة وللطيب من الأولى أربعة وستون يأخذها مضروبة في الاثني عشر بثمانية وستين وسبعمائة، وله من الثانية ستة مضروبة في سبعة وفق سهام الموروث باثنين وأربعين يصير مجموع ما بيده ثمانمائة وعشرة‏.‏ ضعها له تحت الجامعة، ولفاطمة من الأولى اثنان وثلاثون تأخذها مضروبة في وفق الثانية بأربعة وثمانين ومثلثمائة، ولها من الثانية ثلاثة تأخذها مضروبة في سبعة بإحدى وعشرين يجتمع لها من الفريضتين أربعمائة وخمسة ضعها لها في جدولها تحت الجامعة، ولزوجة عبد القادر من الثانية تسعة تأخذها مضروبة في سبعة وفق سهام موروثها بثلاثة وستين ضعها لها في جدولها تحت الجامعة، ولكل من بناتها الثلاث ستة عشر يأخذنها مضروبة في سبعة بمائة واثني عشر لكل واحدة منهن، ثم ماتت آمنة بنت عبد القادر المذكور فورثتها أمها المذكورة وشقيقتاها فاطمة وعائشة المذكورتان، وعصبها عماها محمد والطيب، وفريضتها تصح من اثني عشر للأم اثنان، وللشقيقتين ثمانية أربعة لكل واحدة منها ولعميها واحد لكل واحد منهما وبين فريضتها وسهامها التوافق بالأرباع لأن سهامها التي هي الاثني عشر ومائة لها ربع وهو ثمانية وعشرون، وفريضتها التي هي الاثنا عشر لها ربع وهو ثلاثة، وحينئذ فتضرب الفريضة الأولى أعني الجامعة التي هي ألفان وثلثمائة وأربعة في وفق الثانية، وهي ثلاثة عملاً بقول ‏(‏خ‏)‏‏:‏ والأوفق بين نصيبه وما صحت منه مسألته واضرب وفق الثانية في الأولى الخ‏.‏ يخرج لك ستة آلاف وتسعمائة واثنا عشر وهي الجامعة الأخيرة التي انتهت هذه الفرائض إليها ثم تقول‏:‏ من له شيء من الأولى أخذه مضروباً في وفق الثانية وهو ثلاثة، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروباً في وفق سهام موروثه وهو ثمانية وعشرون، فلمحمد من الأولى تسعون وستمائة يأخذها مضروبة في ثلاثة بألفين وثمانية وتسعين، وله من الثانية واحد يأخذه مضروباً في وفق سهام موروثه بثمانية وعشرين يجتمع له ثمانية وتسعون وألفان‏.‏ ضعها له تحت الجامعة، وللطيب من الأولى ثمانمائة وعشرة يأخذها مضروبة في ثلاثة بألفين وأربعمائة وثلاثين، وله من الثانية واحد يأخذه مضروباً في ثمانية وعشرين يجتمع له ألفان وأربعمائة وثمانية وخمسون ضعها له تحت الجامعة، ولفاطمة من الأولى أربعمائة وخمسة تأخذها مضروبة في ثلاثة بخمسة عشر ومائتين وألف ولا شيء لها من الثانية لأنها لا ترث في بنت أخيها، ولزوجة عبد القادر من الأولى ثلاثة وستون تأخذها مضروبة في ثلاثة بتسعة وثمانين ومائة، ولها من الثانية اثنان تأخذهما مضروبين في ثمانية وعشرين بستة وخمسين يجتمع لها مائتان وخمسة وأربعون ضعها لها في جدولها تحت الجامعة، ولعائشة بنتها من الأولى اثنا عشر ومائة تأخذها مضروبة في ثلاثة بست وثلاثين وثلثمائة، ولها من الثانية أربعة تأخذها مضروبة في ثمانية وعشرين باثني عشر ومائة يجتمع لها ثمانية وأربعون وأربعمائة، ولفاطمة أختها مثلها، وإذا صحت هذه الجامعة فحلها إلى أوائل أئمتها وهي اثنان ثمان مرات وثلاثة ثلاث مرات قابلها بأئمة الأوقية فتماثلها كلها، ويبقى من أئمة الجامعة ثلاثة وثلاثة فلا بد من القسمة أولاً على هذين الإمامين، ثم الخارج على أئمة الأوقية على ترتيبها المذكور، فيجب لمحمد ثلاث أواق وثلاثة أفلس وثلاثة حبوب وثلث ثلث الحب، ونسبته من المال ثلاثة أعشار وثُمن ربع العشر وثلاثة أثمان ثلث ثمن ربع العشر، فالفدان من الأرض مثلاً يقسم على عشرة أجزاء فيأخذ من ذلك ثلاثة أجزاء، وثمن ربع الجزء وثلاثة أثمان ثلث ثمن ربع الجزء لأن الحبوب ثمانية منها في الفلس، وقس على هذا ما بعده، وللطيب ثلاثة أواق وأربعة أثمان الأوقية وخمسة أفلس، وثلاثة حبوب وثلث ثلث الحب، ولفاطمة أوقية وستة أثمان الأوقية وستة حبوب ولزوجة عبد القادر ثمنا الأوقية وعشرة أفلس وثلثا ثلث ثمن الحب ولعائشة بنتها خمسة أثمان الأوقية وفلسان وحب وثلثا الحب وثلث ثلث الحب، ولفاطمة أختها مثلها جدول هكذا‏:‏

ثم اجمع ما تحت الثلاثة تجده ستة أقسمه عليها يخرج اثنان لكل واحد ادخل بهما تحت الثلاثة الأخرى واجمع يخرج ستة أيضاً اقسمه عليها يخرج اثنان لكل واحد منهما ادخل بهما تحت ثمانية الحبوب، واجمع يرتفع لك ستة عشر أقسمه عليها يخرج اثنان لكل واحد ادخل بهما تحت الاثني عشر للفلوس يرتفع لك أربعة وعشرون اقسمه عليها يخرج اثنان لكل واحد ادخل بهما تحت ثمانية الأثمان، واجمع يرتفع لك أربعة وعشرون أقسمه عليها يخرج ثلاثة لكل واحد ادخل بها تحت جدول المال، واجمع يرتفع لك المال بتمامه‏.‏ وهذه الفريضة هي فريضة الوالدة رحمها الله في أبيها مع أخواتها، ولما كنت صغيراً في المكتب رفعها الوالد رحمه الله لبعض أعيان فقهاء فاس، فلم يحسن قسمتها، ولما منّ الله علينا بتعلم علم الفرائض استخرجتها كما ترى، وهي أول فريضة ابتدأت بتعلمها‏.‏

والحاصل أن أئمة الأوقية إن ماثلت أئمة الجامعة ولم يفضل شيء من أحدهما فالمال هو جزء السهم ضعه على الجامعة، واضرب فيه ما بيد كل وارث واقسم على ثمانية الحبوب في الاثني عشر للفلوس، ثم على ثمانية الأثمان كما في المثال الأول وإن ماثلت أئمة الجامعة كلها وبقي من أئمة الأوقية أكثر من إمام واحد فسطح الباقي من أئمة الأوقية واضربه في المال والخارج هو جزء السهم، ضعه على الجامعة واضرب فيه ما بيد كل وارث، واقسم على ثمانية الحبوب أيضاً، ثم الفلوس ثم الأثمان كما في المثال الثاني، وإن بقي من أئمة الأوقية إمام واحد، فاضربه في المال إذ لا شيء هناك يسطح فيه، والخارج هو جزء السهم اضرب فيه ما بيد كل وارث واقسم على ثمانية الحبوب إلى آخره، وتركت مثاله لفهمه من الذي قبله، وإن ماثلت أئمة الأوقية كلها وبقي شيء من أئمة الجامعة فالمال هو جزء السهم اضرب فيه ما بيد كل وارث، واقسم على ما بقي من أئمة الجامعة، ثم على ثمانية الحبوب الخ‏.‏ كما مر في هذا المثال الأخير، وإن لم تماثل أئمة الجامعة شيئاً من أئمة الأوقية فسطح أئمة الأوقية كلها، والخارج اضربه في المال وهو جزء السهم، ضعه على رأس الجامعة واضرب فيه ما بيد كل وارث، واقسم على أئمة الجامعة كلها، وقدم في القسمة أكبرها، ثم اقسم على ثمانية الحبوب الخ‏.‏ وإن بقي شيء من أئمة الأوقية وشيء من أئمة الجامعة لم يتماثلا فسطح الذي لم يماثل من أئمة الأوقية إن كان أكثر من إمام واحد، واضربه في المال والخارج هو جزء السهم اضرب فيه ما بيد كل وارث واقسم على ما لم يماثل من أئمة الجامعة، وقدم أكبرها في القسمة ثم على ثمانية الحبوب الخ‏.‏ وإن كان الذي لم يماثل من أئمة الأوقية إماماً واحداً فاضربه في المال والخارج هو جزء السهم اضرب فيه ما بيد كل وارث، واقسم على ما لم يماثل من أئمة الجامعة أيضاً على ثمانية الحبوب الخ‏.‏ وتركت أمثلة ذلك لوضوحها مما مر والله أعلم‏.‏

فصل في ذكر موانع الميراث

أي‏:‏ الأوصاف التي تمنع منه‏.‏

الكُفْرُ وَالرِّقُّ لإرْثٍ مَنَعَا *** وَإنْ هما بعدَ الممَاتِ ارْتَفَعَا

‏(‏الكفر‏)‏ الأصلي ‏(‏والرق‏)‏ وإن بشائبة حرية كمكاتب وأم ولد ومدبر ومعتق لأجل ومعتق بعضه ‏(‏لإرث منعا‏)‏ فإذا كان لحر مسلم ابن كافر أو رقيق ومات الأب أو الابن لم يرث أحدهما الآخر، بل مال الكافر لورثته الكفار ومال الرقيق وإن بشائبة لسيده، هذا إذا استمر الكفر والرق إلى القسم، بل ‏(‏وإن هما بعد الممات‏)‏ وقبل قسم المال ‏(‏ارتفعا‏)‏ بل أسلم الكافر أو عتق العبد في عقب الموت وقبل القسم إذ بزهوق الروح انتقل الإرث للغير‏.‏

وَمِثْلُ ذَاكَ الحُكْمُ في المرْتَدِّ *** وَمُطْلَقاً يَمْنَعُ قتلُ العَمْدِ

‏(‏ومثل ذاك‏)‏ المذكور في الكفر الأصلي ‏(‏الحكم في المرتد‏)‏ العارض كفره، فإنه إذا مات قريبه زمن استتابته لم يرثه ولو رجع للإسلام ولو مات هو على ردته لورثه بيت المال، وهذا إذ جهر بالارتداد، وأما إذا أسر به وهو الزنديق فإنه يقتل بغير استتابة وماله لورثته المسلمين نظراً إلى ما كان يظهره من الإسلام ‏(‏خ‏)‏‏:‏ وقتل المستتر بلا استتابة إلا أن يجيء تائباً وماله لورثته، ‏(‏ومطلقاً‏)‏ من غير تقييد بالدية ‏(‏يمنع قتل العمد‏)‏ العدوان فلا يرث من مال ولا دية إن صالحه الأولياء بها إجماعاً معاملة له بنقيض قصده لا لتأديته لخراب العالم لأنه محفوظ بمشروعية القصاص، وظاهره باشر القتل أو تسبب فيه، وظاهره ولو كان القاتل صبياً أو مجنوناً، وهو كذلك على ما نقله الطرطوشي وغيره عن مالك قائلاً لأن المراهق قد يتصابى وهو محتلم وقد يتجان وهو عاقل، ومفهوم العمد أشار له بقوله‏:‏

وَإنْ يَكُنْ عن خَطَإ فمنْ دِيَهْ *** وَحالةُ الشَّكِّ بمنْعٍ مُغْنِيَهْ

‏(‏وإن يكن‏)‏ القتل ناشئاً ‏(‏عن خطأ فمن‏)‏ إرث ‏(‏دية‏)‏ يمنع لا من إرث المال ‏(‏خ‏)‏‏:‏ ولا يرث قاتل عمد عدواناً وإن أتى بشبهة كمخطىء من الدية الخ‏.‏ نعم يرث قاتل العمد والخطأ الولاء كما قال في التلمسانية‏:‏ ويرثان مع الولاء الخ‏.‏ ومعنى ذلك أن من قتل شخصاً له ولاء عتق والقاتل وارث الشخص المذكور فإنه يرث ماله من الولاء وليس معناه أن المعتق بالكسر إذا قتل عتيقه يرثه، بل هذا حكمه ما مر من التفصيل بين العمد والخطأ، ومفهوم عدوان أنه لو قتل موروثه في باغيه أو قصاص لم يمنع من إرثه ‏(‏خ‏)‏ في الباغية‏:‏ وكره للرجل قتل أبيه وورثه الخ‏.‏ وكذا لو قتله يظنه حربياً وحلف أو قتله على وجه اللعب أو تأديباً كما مر أول الدماء، فإن ذلك كله من الخطأ لا يمنع إرثه من المال بل من الدية فقط وقوله‏:‏ وإن أتى بشبهة يعني كما لو رمى ولده بحديدة فإنه لا يقتل به كما مر في الدماء ولكن لا يرثه‏.‏

تنبيه‏:‏

لو أنفذ مقتله وارثه وأجهز عليه غيره، فمذهب ابن القاسم، ورجحه ابن رشد أنه لا يقتل به المجهز وإنما عليه الأدب، وإنما يقتل به المنفذ لمقتله وعليه فلا يرثه وقيل‏:‏ يقتل به المجهز فقط وعلى الآخر الأدب لأنه بعد إنفاذها معدود من الأحياء يرث ويورث ويوصي بما شاء من عتق وغيره، فإذا مات أخوه قبل زهوق روحه، فإنه يرثه‏.‏ وإذا كان له أخ عبداً وكافر فأسلم أو عتق بعد إنفاذها وقبل زهوق روحه فإنه يرثه‏.‏ ‏(‏وحالة الشك‏)‏ في التقدم والتأخر أو القتل عمداً أو خطأ ‏(‏بمنع‏)‏ ميراث ‏(‏مغنيه‏)‏ فإذا ماتوا تحت هدم أو في سفر أو غرق أو حرق ولم يعلم السابق من اللاحق أو علم وجهلت عينه فلا ميراث بينهم لأن الميراث لا يكون بالشك، والأصل فيه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فقد ماتت أم كلثوم بنت علي زوج عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وابنها زيد في وقت واحد فلم يرث أحدهما الآخر وكذا لم يتوارث من قتل يوم الجمل ويوم صفين ويوم الحرة إلا من علم أنه مات قبل الآخر، وعلى هذا فإذا مات رجل وابنه وأمه وإحدى زوجتيه تحت هدم مثلاً، فللزوجة الأخرى جميع الربع ويستبد بمال الميتة عاصبها، وكذا الأم والابن، وليس من هذا المعنى من مات عند الزوال بالمشرق مع من مات عند الزوال بالمغرب لأن زوال المشرق سابق على زوال المغرب‏.‏

تنبيه‏:‏

لا يدخل في كلام الناظم كما قررنا ما إذا شك في كون القتل عمداً أو خطأ، وبه قرر الشارح كلام أبيه، وقصره عليه لينتفي التكرار مع ما يأتي وهو ظاهر لأنه إذا شك في كونه عمداً أو خطأ، فهو محمول على العمد العدوان، إذ الأصل في أفعال العقلاء هو تعمدها، والقصد إليها إلا أن تقوم قرينة على عدم تعمدها من لعب وأدب ونحوهما كما مر أول الدماء، وإذا كان كذلك فلا يقال الشك في التقدم والتأخر شك في السبب وهو مؤثر، والشك في كون القتل عمداً أو خطأ شك في المانع الذي هو العمد وهو غير مؤثر، لأنا نقول‏:‏ حيث كان محمولاً على العمد فلا شك، بل هو كمحقق الوجود والنصوص فيه تقدمت في باب الدماء فنبه الشارح وغيره على أنه إذا شك في كونه عمداً أو خطأ فهو محمول على العمد فيمنع الميراث والله أعلم‏.‏